الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك | أنس آكشن

قد يكون الجهاد فرض عين على المسلم، كما لو عينه الإمام، ولا يجوز له التخلف عنه حينئذ إلا لعذر شرعي. لذلك عندما يستنفر النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين للجهاد يخرج كل مسلم صادق، ولا يتخلف إلا أهل الأعذار الشرعية أو أهل النفاق. ولكن في غزوة تبوك تخلف ثلاثة رجال: كعب بن مالك، ومرارة بن ربيع، وهلال ابن أبي أمية عن الغزو مع الرسول صلى الله عليه وسلم من غير عذر شرعي ولا نفاق.

قصة التوبة العظيمة

تخلف الثلاثة عن الغزو الذي كان في زمان الحر والشدة، ولكن رغم فداحة الذنب وعظمته تجاوز الله عنهم وغفر لهم صنيعهم، لأنهم كانوا صادقين مع أنفسهم ومع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، لم يخادعوه ولم يأتوا بأعذار كاذبة، بل صدقوا واعترفوا بتخلفهم، ولجؤوا إلى الله تائبين مستغفرين فتاب الله عليهم.

رواية كعب بن مالك رضي الله عنه:

قال كعب: "غزا النبي صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار، فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجهز المسلمون معه، ولم أتجهز وأقول في نفسي سألحق بهم حتى إذا خرجوا ظننت أني مدركهم، وليتني فعلت... فلما مضت خمسون ليلة أذن الله بالفرج وجاءت التوبة. قال كعب: فما أنعم الله علي بنعمة بعد الإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، والله ما أعلم أحداً ابتلاه الله بصدق الحديث بمثل ما ابتلاني."

الآيات القرآنية

{عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}
(التوبة: 118-119)

الدروس والعبر

  1. القعود عن الجهاد عند استنفار الإمام يعد إثماً كبيراً في الإسلام تجب التوبة منه
  2. تعامل الصحابة مع أمر النبي صلى الله عليه وسلم وتنفيذهم له، حتى ولو كان الأمر يتعلق بأقاربهم
  3. ولاء الصحابة الصادق لله، حيث لم يفكر كعب بن مالك في اللحاق بالكافرين رغم صعوبة المقاطعة
  4. قيمة الصدق في الإسلام، وكيف أن الصدق هدى
أحدث أقدم